الأحد، 30 أغسطس 2009

حال القلوب وما أدراك ما أحوال القلوب؟

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ,,,

حال القلوب

وما أدراك ما أحوال القلوب؟

أحوال القلوب هي النعمة وهي النقمة،

والقلوب كل قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء.

أخرجه مسلم كتاب القدر ، باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء (2654) (17)،

فإن شاء أزاغه وإن شاء هداه، ولما حدّث النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث قال:

«اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»

أخرجه الترمزي كتاب القدر ، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن (2140) .

وقال : حديث حسن صحيح ..،

فالقلوب لها أحوال عجيبة، فتارة يتعلق القلب بالدنيا، وتارة يتعلق بشيء من الدنيا،

وتارة يتعلق بالمال ويكون المال أكبر همه، وتارة يتعلق بالنساء وتكون النساء أكبر همه،

وتارة يتعلق بالقصور والمنازل ويكون ذلك أكبر همه،

وتارة يتعلق بالمركوبات والسيارات ويكون ذلك أكبر همه،

وتارة يكون مع الله عز وجل ، دائماً مع الله يتعلق بالله سبحانه وتعالى،

ويرى أن الدنيا كلها وسيلة إلى عبادة الله، وطاعتة،

فيستخدم الدنيا من أجل تحقيق العبودية لله عز وجل؛

لأنها خلقت له ولا تستخدمه الدنيا.

وهذه أعلى الأحوال وأصحاب الدنيا هم الذين يخدمونها، هم الذين أتعبوا أنفسهم في تحصيلها.

لكن أصحاب الآخرة هم الذين استخدموا الدنيا وخدمتهم الدنيا،

ولذلك لا يأخذونها إلا عن طريق رضى الله، ولا يصرفونها إلا في رضى الله عز وجل،

فاستخدموها أخذاً وصرفاً،

لكن أصحاب الدنيا الذين تعبوا بها سهروا الليالي يراجعون الدفاتر،

يراجعون الشيكات، يراجعون المصروفات، يراجعون المدفوعات،

يراجعون ما أخذوا وما صرفوا،

هؤلاء في الحقيقة استخدمتهم الدنيا ولم يستخدموها،

لكن الرجل المطمئن الذي جعل الله رزقه كفافاً يستغني به عن الناس،

ولا يشقى به عن طاعة الله،

هذا هو الذي خدمته الدنيا،

هذه أحوال القلوب، وأحوال القلوب هي أعظم الأحوال ،

ولهذا يجب علينا جميعاً أن نراجع قلوبنا كل ساعة كل لحظة

أين صرفت أيها القلب؟

أين ذهبت؟ لماذا تنصرف عن الله؟ لماذا تلتفت يميناً وشمالاً؟

ولكن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وقد غلب على كثير من الناس،

حتى إن الإنسان ليصرف عن صلاته التي هي رأس ماله بعـد الشهادتين

فتجده إذا دخل في صلاته ذهب قلبه يميناً وشمالاً، حتى يخرج من صلاته ولم يعقل منها شيئاً،

والناس يصيحون يقولون صلاتنا لا تنهانا عن الفحشاء والمنكر أين وعد الله؟

فيقال: يا أخي هل صلاتك صلاة

إذا كنت من حين تكبر تفتح لك باب الهواجيس التي لا نهاية لها،

فهل أنت مصل؟ صليت بجسمك لكن لم تصل بقلبك،

ويقال لمثل هؤلاء : إن الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر

هي الصلاة التي يعقل فيها صاحبها ما يقرأه من القرآن والأذكار والتسبيح والأدعية

ويحافظ على ركوعها وسجودها وخشوعها وطمأنينتها

أما الصلاة التي يهيم فيها القلب في كل واد ويخرج منها ولم يدر ما قرأ

فلا تنهى عن الفحشاء والمنكر

من أجل ذلك أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم:

« إنه ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها

نصفها، ربعها، ثلثها، عشرها، خمسها
»

أخرجه الإمام أحمد في المسند (4/319) .

حسب ما تعقل منها،

إذاً فالقلوب تركب طبقاً عن طبق.

*
*

منقول من موقع فضيلة الشيخ العثيمين

جزء من تفسير سورة الانشقاق

لآية ( لَتـَرْكَـبُنَّ طَبَـقاً عَن طَبـقٍ )

كلمة إلى الناس عامة في قضاء الوقت في رمضان


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
:
:
كلمة إلى الناس عامة في قضاء الوقت في رمضان

ننصح المسلم في هذا الشهر وغيره بحفظ وقته وشغله في طاعة ربه والحرص على استغلال ليله في الصلاة والقراءة والذكر والعبادات وشغل نهاره في عمل مباح أو نوم يقصد به الاستعانة على الطاعات كما ورد أن نوم الصائم عبادة، فعلى المسلم البخل بزمانه والبعد عن أهل الملاهي الذين يبيتون في سهو وغفلة وقيل وقال وكلام لا أهمية له كما هو حال الكثير من الناس، وكذا فعل من يسهرون على سماع الأغاني والنظر إلى الأفلام الخليعة والصور الفاتنة التي تشغل القلب وتوقع في الفتنة وتزرع الشر في النفوس، وكذا من يقضون كل ليالي هذا الشهر في الذهاب والإياب والتردد في الأسواق وتقليب الأحداق في الناس من أهل الحرف أو أهل التجارات، ولاشك أن من فعل ذلك فقد خسر خسرانًا مبينًا حيث فاته سماع القرآن وتدبره والاستفادة منه وفاته الذكر والاستغفار والدعاء والتضرع والانكسار بين يدي ربه وأضاع وقته في غير فائدة أو في المضرة على دينه وخلقه نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين وأن يهدي ضالهم ويرشد غاويهم ويصلح أئمتهم وولاة أمورهم ويجعلهم هداة مهتدين.


كما أن صلاة التراويح وهي القيام في ليالي رمضان بعد صلاة العشاء سُنة مؤكّدة، كما دلّ على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه". متفق عليه، وقيام رمضان شامل للصلاة أول الليل وآخره، فالتراويح من قيام رمضان، وقد وصف الله عباده المؤمنين بقيام الليل، كما قال تعالى: { والذين يبيتون لربهم سُجّدًا وقيامًا } . وقال تعالى:{ كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون } .


ويُستحب أن يُصلّي مع الإمام حتى ينصرف، فقد روى أحمد وأهل السّنن بسند صحيح عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة".


وكان الإمام أحمد رضي الله عنه لا ينصرف إلا مع الإمام عملاً بهذا الحديث، ولاشك أن إقامة هذه العبادة في هذا الموسم العظيم تُعتبر من شعائر دين الإسلام، ومن أفضل القربات والطّاعات، ومن سنّة النبي صلى الله عليه وسلم كما روى عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله ـ عز وجل ـ فرض عليكم صيام رمضان، وسننتُ لكم قيامه".


فإحياء هذه السنّة وإظهارها فيه أجر كبير، ومضاعفة للأعمال، وقد ورد في بعض الآثار: "إن في السّماء ملائكة لا يعلم عددهم إلا الله ـ عز وجل ـ، فإذا دخل رمضان استأذنوا ربهم أن يحضروا مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم صلاة التّراويح، فمن مسّهم أو مسوه سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدًا".

فكيف يفوّت المسلم هذا الأجر الكبير، وينصرف عنه لتعاطي حرفة أو تجارة، أو تنمية ثروة من متاع الحياة الدّنيا التي لا تساوي كلها عند الله جناح بعوضة، فهؤلاء الذين يزهدون في فعل هذه الصلاة، ويشتغلون بأموالهم وصناعاتهم، لم يشعروا بالتفاوت الكبير بين ما يحصل لهم من كسب أو ربح دنيوي قليل، وما يفوتهم من الحسنات والأجور، والثّواب الأخروي، ومضاعفة الأعمال في هذا الشهر الكريم.


ولقد أكبّ الكثير على الأعمال الدنيوية في ليالي رمضان، ورأوا ذلك موسمًا لتنمية التجارة، وإقبال العامة على العمل الدنيوي، فصار تنافسهم في ذلك، وتكاثرهم بالمال والكسب، وتناسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا رأيت من ينافسك في الدّنيا فنافسه في الآخرة".

أما الذين يسمرون هذه الليالي على اللهو واللعب فهم أخسر صفقة، وأضل سعيًا، وذلك أن الناس اعتادوا السّهر طوال ليالي رمضان غالبًا، واعتاضوا عن نوم الليل بنوم الصّبيحة وأول النهار أو أغلبه، فرأوا شغل هذا الليل بما يقطع الوقت، فأقبلوا على سماع الملاهي والأغاني، وأكبوا على النظر في الصور الفاتنة، والأفلام الخليعة الماجنة، ونتج عن ذلك ميلهم إلى المعاصي، وتعاطيهم شرب المسكرات، وميل نفوسهم إلى الشّهوات المحرّمة، وحال الشيطان والنفوس الأمّارة بالسّوء بينهم، وبين الأعمال الصّالحة، فصدّوا عن المساجد ومشاركة المُصلّين في هذه العبادة الشّريفة، فأفضلهم من يصلي الفريضة ثُمَّ يبادر الباب، والكثير منهم يتركون الفرض الأعظم وهو الصلاة، ويتقرّبون بالصّوم مجاراة ومحاكاة لأهليهم، مع تعاطيهم لهذه المحرمات، وصدودهم عن ذكر الله وتلاوة كتابه، وذلك هو الخسران المبين، والله المستعان .


ولاشك أن لرمضان فضلاً ومزية على غيره من الأشهر حيث تُضاعف فيه الحسنات وتغفر الزلات وتكثر فيه أسباب المغفرة كصيامه وقيامه وقيام ليلة القدر فلذلك لا يستغرب الاجتهاد فيه وزيادة العمل فيه على غيره من الأشهر اغتنامًا لوقت الفضيلة وتعرضًا لأسباب الغفران والعتق من النيران فيسن للمسلم الاجتهاد فيه عمومًا وفي عشره الأخير خصوصًا وذلك بالمحافظة على الصلوات وقيام ما تيسر من الليل والحرص على الخشوع وحضور القلب في الصلوات وكثرة الذكر والدعاء وتلاوة القرآن والتوبة من المعاصي والإقلاع عن السيئات وكثرة الصدقات وأداء نسك العمرة ونحو ذلك ولكن لا يهجر العمل في بقية الأشهر فبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان فإن العبادة ليس لها وقت مخصص ثم تنقضي ورب الأشهر واحد ولكن لا يستنكر الاجتهاد في أوقات الفضائل أكثر من غيرها .


كما أن بهذا الشهر ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ومن قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، وقد اختلف الناس في تعيينها وذهب الإمام أحمد إلى أن أرجاها ليلة سبع وعشرين وذلك لأدلة مشهورة معروفة في المطولات وانظر كلام ابن رجب في اللطائف ص 211 وحيث أن أدلة هذا القول أقوى فلا إنكار على من خص هذه الليلة بمزيد من الاجتهاد والزيادة في العمل وأداء العمرة وإحياء الليلة المذكورة في الصلاة والطواف والذكر والدعاء والقراءة ولكن مع ذلك لا يجوز هجران بقية الشهر ولا تخصيص ليال منه وترك العمل في بقيته فإن جميع ليالي الشهر فيها فضل وأجر كبير وإن كانت لياليه تتفاضل وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله وجد وشد المئزر وشمر في العبادة وطوى فراشه ولم يذق غمضًا فيسن الاجتهاد في ليالي العشر رجاء إدراك ليلة القدر .

قاله وأملاه

عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

رحمه الله

5/8/1422 هـ

المصدر : الموقع الرسمي للشيخ ابن جبرين رحمه الله